الاعلان رساله اعلاميه ام سلطة اجتماعية ؟

الاعلان رساله اعلاميه ام سلطة اجتماعية ؟

الإعلانAdvertisement ما هو إلا أداة لترويج المبيعات،كغيره من الأدوات الأخرى.فإذا أحسن استخدامها أدت إلى النتائج المرجوة منها،وإذا أسيء استخدامها فستؤدي إلى أضرار جسيمة اجتماعية ونفسية واقتصادية.فاستخدام القواعد العلمية السليمة في الإعلان،واعتمادها في تخطيطه،وفي تنفيذه،وفي متابعته،يؤدي إلى نتائج لا تتقاطع مع مصالح المجتمع.أما إذا طبق على أساس فكرة مجرد كسب الفرص،أو اللهو بعقول الناس وخداعهم،كانت له نتائج عكسية في المدى البعيد على المعلنيين،وعلى صناعة الإعلان على حد سواء.

مزايا الإعلان الجيد

وإذا كان البعض قد أساء إلى الإعلان لتحقيق أغراض ذاتية في المدى القصير،فأن ذلك يجب أن لا يؤثر في الأهمية الحقيقية للإعلان بوصفه مظهراً من مظاهر التقدم والازدهار في الحياة المعاصرة،إذ أكد ذلك عدد من الدراسات التي توصلت إلى أن الإعلان قد أسهم بنصيب كبير في رفع مستوى المعيشة وزيادة الدخل القومي،وساعد في تحسين نوع السلع،وقلل من نفقات إنتاجها،وبالتالي من أثمان بيعها.كما يعد الإعلان من زاوية أخرى أداة تعليم وتثقيف بإسهامه في التعريف بالاختراعات الحديثة.والإعلان فضلاً عن ذلك يعلـّم الناس الكثير من العادات الحسنة والطيبة،ويعلمهم كيفية القضاء على بعض الأمراض.ويمكن إيجاز أهم الآثار الثقافية والاقتصادية للإعلان الجيد بما يأتي:
1-الإعلان قناة من قنوات التعليم:إذ يقدم للجمهور المعلومات والمعارف الجديدة المتعلقة بالخصائص الفنية للسلع،وطريقة استعمالها.كما يعلم الجمهور كيفية المحافظة على صحة أفراد الأسرة،أو كيفية مقاومة أخطار الحريق،أو المحافظة على أموالهم واستثمارها.
2-الإعلان يساعد على تكافؤ الفرص بين أفراد المجتمع:فمن خلال الإعلان عن السلعة،يوفر لكل مستهلك محتمل إخباراً بطبيعتها ومكان توزيعها وسعرها،فيقبل كل راغب عليها،فتقل نتيجة لذلك ظاهرة الخصوصية وتنتقل إلى ظاهرة العمومية.ويتضح ذلك في أنواع معينة من الإعلانات،مثل إعلانات التوظيف،أو التقدم للمسابقات.
3-الإعلان يوفر على المستهلك تكاليف البحث عن السلعة:من خلال توفير كل المعلومات المعاونة لقرار الشراء للمستهلك وهو في منزله،مما يقلل جهده في البحث والتجوال،وخاصة في المدن الكبيرة.
4-الإعلان يعوّد الجمهور على عادات جديدة:إذ أنه مع استخدام التكرار والاستمرار في الإعلان،فإنه بالإمكان أن يغرس عادات جديدة،كالاعتماد على النفس مثلاً في علاج بعض الأمراض الخفيفة.
5-يسهم الإعلان في زيادة الدخل القومي:فمن البديهيات إن الإعلان الناجح يخلق الرغبة لدى المستهلك المحتمل لشراء السلع والخدمات.ونتيجة لهذا يبذل الفرد مجهوداً اكبر لتكوين دخل اكبر لإنفاقه على السلع والخدمات الحالية والمستقبلية،مما يؤدي إلى زيادة إنتاجها،وصولاً إلى المحصلة النهائية،وهي زيادة الدخل القومي.
6-يقرّب الإعلان بين الأمم:إذ يؤدي دوراً مهماً في تحريك التجارة الدولية،وفي تبادل العادات الحضارية والأفكار والمعارف بين الأمم،مما قد يقلل من مخاطر الجفوة السياسية أو الأطماع العسكرية .
7- الإعلان يثير المنافسة:يقال دائماً أنه حيثما يوجد الإعلان فإن المنافسة تشتد بين الشركات المنتجة،مما يعمل على تحسين الجودة وتخفيض أسعار السلع والخدمات.
العواقب الأخلاقية والنفسية للإعلان

توصف بعض البرامج الإعلانية بأنها تؤثر في أخلاقيات المجتمع بطريقة سلبية؟ففي كثير من الحالات،يقرر المعلنون أنفسهم مباديء أخلاقية تقرر ما يجب أن يتضمنه الإعلان،وما لا ينبغي ظهوره فيه.وهذا يتطلب شكلاً من أشكال الرقابة،سواء الحكومية منها أو الجماهيرية.

وهنا يطرح التساؤل الآتي نفسه:هل يستطيع الإعلان إعادة تشكيل Shaping سلوك المستهلكين على حساب إرادتهم،وتحويلهم إلى أناس يلهثون وراء اللذة،ويتحركون ضد الحاضر والمستقبل؟

أصدر الكاتب الأمريكي (فانس باكارد) Vance Packardمؤلفات عدة يهاجم فيها الإعلان ووكلائه،إذ عدّه وسيلة للتأثير في سلوك المستهلكين بجعلهم يشترون أشياء لا يريدونها فعلاً،بما يعود بالربح على المشروعات التجارية من دون أن تؤخذ مصلحة المستهلك في الاعتبار.ويقول في كتابه (المشكـّـلون لسلوك الناس):إن الإعلان لم يعد مجرد قوة خطيرة فحسب،لكنه تحول إلى سلطة اجتماعية في العالم،تؤثر في إرادة الناس،وتدفعهم إلى سلوك استهلاكي لا يعبر عن احتياجاتهم الحقيقية.والحقائق التي يذكرها (باكارد) والمستمدة من أدق الدراسات تثير العجب،فالمواطن الأمريكي في سن (18) عاماً يكون قد شاهد وسمع (180) ساعة إعلانية في التلفاز،فإذا أضفنا إلى ذلك إعلانات المذياع،يكون قد أمضى حوالي سنتين من عمره في سماع ومشاهدة هذه الإعلانات،وهي مما لاشك فيه ستؤثر على تشكيل سلوكه.

ولان صناعة الإعلان تحولت إلى عملاق ينفق بسخاء على العلماء والفنيين،فأن ظاهرة (البحث عن الربح على حساب الفرد) برزت في ميدان الإعلان منذ العام 1950،وتمثلت في انتقال أعداد كبيرة من علماء النفس والاجتماع إلى ميدان الإعلان.فلم تعد المشكلة تنحصر في مدح السلعة،إنما في التغلب على مقاومة المستهلك الذي يصر على عدم احتياجه لها،ودفعه إلى شرائها والتغلب على عبارة:((أنا لا أحتاج هذه السلعة))،لأن الحاجة كما يقول علماء الإعلان مجرد ظاهرة نفسية،ووظيفة الإعلان تتجسد في إزالة الفروق بين ما نحتاجه فعلاً،وبين ما نستطيع العيش بغير وجوده في حياتنا.

وخطورة الإعلان لا تقف عند أضعاف إرادة التمييز بين ما هو ضروري وغير ضروري،إنما تمتد إلى تحويل أجيال من البشر إلى مستهلكين يندفعون لاشعورياً إلى شراء السلع المعلن عنها بصرف النظر عن مدى احتياجهم لها.وفي تقرير للجنة التجارية الفدرالية الأمريكية تبرز الكثير من الحقائق التي تتحدى الخيال.فالطفل الذي يتراوح عمره بين (5) إلى (13) سنة يتابع الإعلانات التلفازية مدة تصل إلى (5) ساعات يومياً،يشاهد خلالها(50) إعلاناً تجارياً،أي بمعدل (18) ألف إعلان كل سنة،بما تتضمنه من صور وكلمات وأغنيات وأصوات جذابة تنافس المعلومات المفيدة في عقل الطفل،وتفرض نفسها فوق خياله،وأحلامه.ويذكر التقرير أن وكالات الإعلان تخصص ميزانية كبيرة لتشكيل سلوك الأجيال الجديدة،فالإعلانات الموجهة للأطفال تكلف (600 دولار) كل ساعة،وهدفها تحويل الطفل إلى قوة ضغط داخل أسرته لإرغامها على شراء ما يريده.ومن الطبيعي أن يقع الطفل بسهولة في الشرك الإعلاني،ويستجيب إلى الدعوة لشراء (الحلويات مثلاً)،من دون إدراك خطورة هذه الحلويات على أسنانه،وأثرها المدمر في اختلال توازن غدده،وانتظام دورته الدموية،واحتمال أصابته بالسمنة والترهل.وكل ذلك نتيجة لاستخدام أمهر العقول العلمية واحدث ما أبدعته التكنولوجيا المعاصرة من أجل غرس صور إعلانية في عقول الأطفال،لتشكل سلوكهم ووجدانهم،وتدفعهم نحو حياة قوامها الاستهلاك الجنوني للسلع المعلن عنها،بغض النظر عن كونها مفيدة أو ضارة.ويشير التقرير كذلك إلى التناقض بين المعلومات الصحية والعلمية التي يستمدها الفرد من تحصيله الدراسي،وبين ما تقوله وكالات الإعلان،والذي يفسر في الغالب لمصلحة الإعلان نتيجة لجاذبيته وأسلوب عرضه واستقراره في النفوس.والأرقام تقف إلى جانب هذه الحقيقة،فالمؤسسات الإعلانية الأمريكية تنفق حوالي (40) مليار دولار كل سنة،إي ضعف ما تنفقه الحكومة الأمريكية على التعليم الابتدائي!

وبعد ذلك،فهل نندهش إذا استطاع الإعلان تشكيل عقل الصغير والكبير،وبصورة تتغلب على ما تغرسه المدرسة في العقول من حقائق تتعارض قي كثير من الأحيان مع المعلومات الإعلانية؟

المصدر: نفساني

شكرا لك النسر الابيض ع الطرح القيم

مشكور ياروح المنتدى(خواطر العشاق) ...لمروركم ...