أعراض الجنون تتغير بتغيرالثقافة السائدة في المجتمع
قالت دراسة علمية إن عوارض الجنون وتعبيرات المصابين بأمراض نفسية وعقلية، تتأثر بالفترة الزمنية التي يعيشون فيها والثقافة السائدة، وهي بالتالي تتبدل لتعكس الحقبات المختلفة، وخلصت إلى أن "الجنون" لم يكن عبر التاريخ يحمل دائماً المعنى عينه.
ووفقاً للدراسة، التي عمل عليها ثلاثة أطباء نفس من مستشفى ليوبليانا في سلوفينيا، وشملت حالات 120 مصاباً بانفصام الشخصية، خلال الفترة ما بين عامي 1881 و2000، فإن ما كان يتخيله المريض قبل أكثر من قرن من "أصوات غامضة" تتحدث إليهم، بات في العقد الخامس من القرن الماضي، رسائل راديو سوفيتية، قبل أن يتحول إلى ذبذبات يبثها "إرهابيون" في السنوات الأخيرة.
ويشير الأطباء الذين عملوا على الدراسة إلى أن حالات الجنون المرتبطة بهلوسات متصلة بالدين أو الشعوذة في سلوفينيا، كانت محدودة للغاية خلال الفترة ما بين عامي 1941 و1980، عندما كانت البلاد جزءاً من يوغوسلافيا الشيوعية، وذلك بسبب حظر الدولة للنشاطات الروحية والدينية وقلة تفكير الناس بها.
غير أن انهيار النظام الشيوعي، وعودة ظاهرة "التعرف على الله"، في دول المنظومة الاشتراكية السابقة، زاد بشكل كبير التقارير الواردة عن أشخاص يقولون إنهم أصيبوا "بمس شيطاني"، أو "هجوم من أرواح شريرة"، وفقاً لمجلة "تايم."
ولفتت الدراسة أيضاً إلى أن مرض "جنون الارتياب"، الذي يدفع الناس للشعور دائماً بأنهم عرضة للملاحقة أو القتل أو الاضطهاد، مرتبط بالقرن العشرين حصراً، حيث أنه مرافق لنشوء المدن العملاقة، وظهور المجمعات الصناعية الكبيرة، والتطور التكنولوجي.
وحددت الفترة اللاحقة لاختراع المذياع والتلفاز، على أنها المرحلة التي بدأت تشهد ظهور عوارض "جنون تكنولوجي"، حيث بات المرضى يدَعون أنهم يتلقون موجات راديو، أو أصوات، أو صور تُبث إليهم من أماكن أخرى، وهي ظواهر لم تُكن تُسجل لدى "مجانين" العصور السابقة.
وأشار فريق الأطباء إلى أن الاستنتاج الأبرز هو أن أسباب الجنون والأمراض النفسية تبقى واحدة على اختلاف الفترات الزمنية في تاريخ البشر، غير أن العوارض تختلف باختلاف الثقافات، الأمر الذي قد يطرح فكرة دراسة مسار التقدم البشري من وجهة نظر المجانين، الذين هم بدورهم جزء من نتاج مجتمعاتهم.
|